قراءة في واقع السلطة السورية: جدليّة الثابت والمتحرك
تبددت مشاعر الخوف شيئًا فشيئًا، وانكشفت أمامنا معالم الأفق، فأصبح بإمكاننا إدراك ما كان غائبًا والتعبير عمّا كان مكتومًا، وبدأ يتشكل لدينا شعور متزايد بقدرتنا على توظيف هذه المساحة المكتسبة من الحرية في إعادة تشكيل واقعنا نحو صورة أكثر إشراقًا، رسمناها في مخيلتنا، وربطنا تحقيقها بالأمل الذي وضعناه على عاتق ولاة أمرنا الجدد. أنصتنا إليهم، وتأملنا في خطابهم، بل وتماهينا مع بعض تطلعاتهم. وأدركنا تدريجيًا شخوص وأبعاد السلطة الجديدة، وبدا لنا أن ما يُقال قد يحمل معاني مختلفة، فللكلمة صورة في ذهن قائلها، وأخرى في ذهن متلقيها، وما بين الصورتين قد تتسع الفجوة. في عهد النظام السابق، كانت السلطة الاستبدادية تُمارس بأسلوب مركزي وعمودي، من خلال هرمية صلبة تضع الحكم في يد جهة واحدة، تنساب منها القرارات إلى الأسفل، عبر طبقات من المسؤولين والجهات المتنفذة. هذا النمط من السلطة يقوم على طمس الحدود بين الواقع المدني والعسكري بشكل منهجي كجزء من استراتيجية تعزيز السيطرة المطلقة على مفاصل الدولة والمجتمع، والهيمنة على كافة مناحي الحياة، وتسييس المؤسسات مثل النقابات والجامعات والإعلام من ...